فساد الشرعية .. سرطان ينخر الاقتصاد اليمني
فساد الشرعية .. سرطان ينخر الاقتصاد اليمني
- كتب: مصطفى خالد
لندن . 9/1/2025
لم يعد الحديث عن الشرعية اليمنية مقتصراً على فشلها في تحقيق أهدافها المعلنة، بل تجاوز ذلك ليصبح قضية فساد ممنهج يطال كل مفاصلها. هذا الفساد لم يترك مجالاً للشك بأن هذه الشرعية، التي تعيش في الفنادق الفاخرة خارج الوطن، وتنفذ أجندات الخارج على أرضنا الطاهرة، فقدت أي شرعية أخلاقية أو سياسية تجعلها ممثلة للشعب اليمني. وفي ظل هذا الوضع المأساوي، يصبح الانتفاض على هذا الواقع الفاسد ضرورة وطنية لا بد منها.
الشرعية في الخارج:
غربة عن الوطن والشعب ، فمنذ سنوات، غادرت قيادات الشرعية اليمنية أرض الوطن لتستقر في عواصم دول الجوار، حيث يعيش المسؤولون حياة الرفاهية والبذخ في أفخم الفنادق والقصور، ويركبون السيارات الفارهة، هؤلاء الذين يُفترض أن يمثلوا الشعب ويقودوه نحو بر الأمان، باتوا منعزلين عن معاناة الشعب اليومية، لا يرون الجوع والفقر الذي ينهش اليمنيين، ولا يسمعون أنين الأمهات الثكالى وأصوات الجوعى.
شرعية تقيم في الخارج وتعجز عن توفير الخدمات الأساسية داخل الوطن لا تستحق أن تحمل هذا الاسم، وجودهم في المنافي بات يعبر عن انفصالهم الكامل عن الشعب، وعن تحولهم إلى أداة لمصالح دول إقليمية ودولية بدلاً من أن يكونوا خداماً لوطنهم.
من قمة الفساد إلى جذوره:
شبكة متكاملة لتدمير الوطن، فساد القيادات العليا، فرأس الشرعية ليس بمعزل عن هذا الفساد، بل يعتبر المحرك الأساسي له. منذ سنوات، تتوالى التقارير التي تتحدث عن تحويل أموال المساعدات والمخصصات الحكومية إلى حسابات شخصية في الخارج. ويبرز هنا السؤال :
كيف يمكن لمن سرق أموال الإغاثة الإنسانية ونهب موارد الدولة أن يزعم تمثيل الشعب؟
الوزارات والمؤسسات الحكومية : مستنقع المحسوبية
وزارة الخارجية، على سبيل المثال، تحولت إلى مقر لتوظيف الأقارب وتوزيع المناصب على أساس الولاء الشخصي وليس الكفاءة، السفارات والقنصليات باتت مراكز لسرقة المال العام والتربح غير المشروع، حيث يتم ابتزاز المغتربين وبيع الخدمات بأسعار خيالية.
الأمر لا يتوقف عند الخارجية؛ بل يمتد إلى المؤسسات الاقتصادية التي تشهد عمليات نهب منظم لعائدات النفط والغاز. وتغيب الشفافية في إدارة هذه الموارد التي من المفترض أن تعود بالنفع على الشعب.
المؤسسات الأمنية والعسكرية :
فساد يهدد سيادة الوطن ، فالمؤسسات الأمنية والعسكرية التي كان يُفترض أن تكون الحامي الأول للوطن، أصبحت غارقة في فساد التعيينات الوهمية، إذ يتم توزيع الراتب والمناصب على من لا يستحقونها، وتُخصص الرواتب لجيوش من “الجنود الوهميين” الذين لا وجود لهم إلا على الورق.
هذا الفساد أدى إلى ضعف واضح في أداء الجيش والأمن، ما ساهم في استمرار الصراع وغياب الأمان، بينما المواطن هو الضحية الأولى.
الشعب يدفع الثمن:
من يتحمل مسؤولية المأساة ؟ الشعب اليمني هو من يدفع ثمن هذا الفساد المدمر، في بلد يعاني من أكبر أزمة إنسانية في العالم، حيث الملايين يعيشون تحت خط الفقر ويعانون من الجوع وسوء التغذية، تتلاعب الشرعية بأموال المساعدات المخصصة لإنقاذ الأرواح.
المستشفيات بلا أدوية، المدارس بلا كتب أو معلمين، البنية التحتية مدمرة، وكل هذا نتيجة مباشرة للفساد الذي نخر مؤسسات الدولة، الشعب اليمني أصبح يعيش في جحيم يومي، بينما الشرعية تمضي أيامها في الترف خارج حدود الوطن.
لا شرعية لمن فقد الأمانة :
الشرعية الحقيقية للشعب، كيف يمكن لشعب يعاني من الجوع والفقر أن يعترف بشرعية قيادة تعيش في الخارج وتتنصل من مسؤولياتها؟ هذه الشرعية، التي أثبتت أنها غير قادرة على تلبية احتياجات الشعب، فقدت شرعيتها بالكامل.
الشرعية الحقيقية هي تلك التي تأتي من الشعب، والتي تخدم مصالحه وتعمل على تحسين حياته. واليوم، بات واضحاً أن هذه القيادات الفاسدة ليست جزءاً من الحل، بل هي جزء من المشكلة.
الانتفاضة ضرورة وطنية
في ظل هذا الوضع الكارثي، لا خيار أمام الشعب اليمني إلا أن ينهض ويتخلص من هذه الطغمة الفاسدة.
الصمت على هذا الفساد يعني القبول باستمرار المعاناة وتدمير المستقبل.
الشعب اليمني يجب أن يوحد صفوفه، وينتفض من أجل استعادة وطنه وكرامته. لا يمكن انتظار الخلاص من قيادة فقدت شرعيتها، بل يجب التحرك لبناء قيادة وطنية حقيقية، تأتي من الداخل وتعمل من أجل مصلحة اليمن وشعبه.
الخلاصة :
بناء يمن جديد، الشرعية الحالية لم تعد تمثل الشعب اليمني، بل أصبحت عبئاً على الوطن ومصدراً لاستمرار أزماته. اليمن بحاجة إلى رجال دولة وقيادة جديدة، قيادة شريفة ونزيهة واسعة الشراكة تعمل على معالجة جذور المشكلة وتعيد بناء مؤسسات الدولة.
الشعب اليمني يستحق مستقبلًا أفضل، ولن يتحقق هذا المستقبل إلا عندما يتم التخلص من الفساد، واستعادة الدولة من قبضة القيادات التي خانت الأمانة.
الوقت حان للانتفاض من أجل اليمن، وإعلان أن لا شرعية لفاسد ولا مكان لخيانات جديدة في هذا الوطن.
اقرأ أيضا:القصة الكاملة عن فساد بترومسيلة ودفاع الانتقالي عنها